ثقافة حقوق الإنسان فی ظل الظروف العربیة الراهنة : الواقع والطموح
الملخص
إن تاریخ الإنسانیة لا یعدو أن یزید عن کونه تاریخ الحریة کما قال هیکل، ولان الطغیان یبدأ حالما ینتهی القانون، کما قال جون لوک، فإننا نعتقد أن المدخل السلیم والملائم لجعل التربیة على حقوق الإنسان توظف ایجابیا هو العلاقة بین الخصوصیة والکونیة کمدخل للدیمقراطیة إذ بمجرد ما یکون للجمیع حضوضهم من الممارسة الدیمقراطیة بمجرد ما تنتفی حدة التنافر المفترض بین ماهو خصوصی وماهو کونی،وتغدو هذه الثنائیة أداة لتنمیة حقوق الإنسان ولیس العکس([1]) . ومن هذا المنطلق الذی یؤمن بجدلیة العلاقة بین حقوق الإنسان والدیمقراطیة یکون بمقدور الإطارات والمؤسسات التی تشتغل الممارسة وتفعیل التنظیر الفکری بموضوع التربیة على حقوق الإنسان ونشرها، أن تساهم فعلیا فی إنتاج المقومات الضروریة للمجتمع لکی یدافع عن نفسه، لان أی تصور یراهن على نشر الثقافة الحقوقیة عبر قنوات الإفراد بشکل معزول عن المناخ السیاسی والثقافی العام لأولئک الإفراد، مآله الفشل لکونه لا یخاطب المجتمع فی حرکیته وفی طبیعة الشروط التی تنتج تلک الحرکیة، ضمن سیاق تاریخی واجتماعی معین. وفی هذا الإطار بالضبط تظهر أهمیة النظرة الشمولیة لحقوق الإنسان من جهة، وأهمیة ربطها بالیات الدیمقراطیة من جهة ثانیة . ولاشک إن توظیف العالمیة کأداة لفهم حقوق الإنسان لایمکن إلا أن یکون أغناء لواقع حقوق الإنسان فی مختلف الأقطار العربیة وفی مختلف البیئات، وبالتالی تکون التربیة المؤسسة على العمق الکونی لحقوق الإنسان وسیلة للتخفیف من حدة التوتر والصراع بین الشعوب وأداة لتطویر إمکانیات التواصل الثقافی بینها، خصوصا إذا اعتبرنا أن من أهم العوامل المساعدة على بلورة المفاهیم فی ذاتها وفی علاقتها بسائر مفاهیم حقوق الإنسان، التقدم الحاصل فی توضیح العدید من الإشکالیات النظریة والفلسفیة المتشابکة، ولاسیما ما تعلق منها بعلاقة الثقافة بالإنسان فردا وفی انتمائه إلى مجتمع ما، وکذلک باعتباره إنسانا ینتمی إلى البشریة قاطبة.