عَرّامُ بنُ الأَصْبَغِ السُّلَمِیُّ: أخباره ومرویاته اللغویة

القسم: Research Paper
منشور
Jan 1, 2000
##editor.issues.pages##
36-66

الملخص

قد حظیت الروایة اللغویة بمکانة رفیعة فی تاریخ التراث اللغوی العربی، وعُدَّت شرطاً مهماً من شروط العلم فیه، بعد أن استقرت عند اللغویین مصطلحاً علمیاً، له مفهومه وضوابطه. 
- وروایة اللغة هی عملیة جمع المادة اللغویة من أفواه الفصحاء فی بوادیهم ومواطنهم الأصلیة، أو من العلماء الثقات فی مجالسهم المنعقدة فی حواضر العلم، وبذل الجهد فی حفظها ونقلها وروایتها والتصنیف فیها.
- وبعد مجیء الدین الإسلامی الحنیف ازدادت الحاجة إلى تعلم العربیة وإتقان علومها، وأصبحت ضرورة تقتضیها تعالیم الدین الجدید، خدمة للقرآن والحدیث والفقه، وصوناً لها من الفساد والانحراف بعد أن فشا اللحن وظهرت العامیة، بسبب اتساع رقعة الدولة العربیة الإسلامیة، واختلاط العرب بالأعاجم، ودخول الأمم الأخرى فی الإسلام، فوقع الخلل فی الکلام، وبدأ اللحن یشیع على ألسنة العوام .
- وقد وجد العلماء أن لا سبیل إلى معرفة علوم العربیة إلا بالرجوع إلى کلام العرب الفصیح والاحتکام إلیه فی وضع القواعد والأصول، فنشأت الحاجة إلى روایة اللغة وبدأ هذا النشاط منذ مطلع القرن الثانی للهجرة. وقد سلک العلماء فی تحقیق ذلک طریقین، تمثل الأول برحلتهم إلى البوادی والسماع من العرب ذوی الفصاحة والبیان، وتمثل الثانی بملازمتهم الأعراب الفصحاء الوافدین إلى الحواضر (البصرة والکوفة وغیرهما) لعرض ما لدیهم من ثروة لغویة. وکان العلماء – فی کلا الحالین – یلازمون العرب الأقحاح، ویکثرون من السماع منهم والأخذ عنهم، حتى لا نکاد نجد لغویاً من الرواد – من البصریین والکوفیین – إلا وقد رحل إلى البادیة أو لازم الأعراب الفصحاء، طلباً للفصیح من الکلام. واستمرت الروایة بهذا الشکل إلى نهایة القرن الرابع للهجرة، إذ اکتفى العلماء – فیما بعد – بالرجوع إلى کتب أسلافهم، والروایة عنها  .
- وقد تألق فی تاریخ الروایة اللغویة أعلام کثیرون، أبلوا بلاءً حسناً فی الروایة والدرس والتصنیف، یشدهم – فیما أخذوا به وتعاهدوا علیه – إیمان بالله خالص، وحرص على خدمة لغة التنزیل وإعلاء مکانتها، وصونها من اللحن وفساد الألسنة. وقد تنوعت جهودهم، وتباینت أقدارهم، فمنهم من تألق ذکره وانتشر خبره، وعرفت منزلته، وحفظت مصنفاته، ومنهم من لم ینل حظه الأوفى من الذکر أو الاشتهار، فظل فی عداد المغمورین لا یعرف عنه إلا الیسیر من الأخبار، ولا یذکر له أثر إلا ما روته عنه بعض المصادر اللغویة، وقد یکون علماً فی زمانه موثق الروایة، حسن التصنیف، دون أن یحظى بأسباب الشهرة مثلما حظی بها الآخرون. ومن بین هؤلاء المغمورین (الأعراب الرواة) الذین أسهموا بقَدْرٍ مُعْتَبَرٍ فی حکایة النصوص اللغویة وروایتها, ونقلها إلى حواضر الدرس اللغوی، فضلاً عن أن بعضهم صنف فیها کتباً مهمة .
لقد حفلت المصادر اللغویة المتقدمة بأسماء عدد کبیر من هؤلاء الأعراب الفصحاء الذین لازمهم علماء العربیة، وسمعوا منهم وأخذوا عنهم ورووا لهم نصوصاً لغویة کثیرة. ومن بین هؤلاء الأعراب المتقدمین (عّرام بن الأصبغ السُّلَمی) الذی یُعَدُّ أحد الأعراب الرواة فی زمن الاحتجاج. ورد ذکره فی کتاب (العین) فی (57) موضعاً، کما ورد ذکره فی کتاب (تهذیب اللغة) فی مواضع عدة، جاوزت الـ(17) موضعاً. وهو فی کلا المعجمین یرد ذکره مع طائفة من النصوص اللغویة تروى عنه، أو تسمع منه، أو تنسب إلیه . قدرت فی (عّرام) فضله وقدمه وذکره فی أشهر معجمین من معاجم العربیة، فاخترته ومرویاته موضوعاً لهذا البحث الذی اقتضت طبیعته أن یکون فی مبحثین، اختص الأول منهما بالتعریف بـ(عّرام)، وبدراسة مرویاته الواردة فی الکتابین الشهیرین دراسة وصفیة، واختص الثانی بذکر نصوص مرویاته، مرتبة وموثقة فی معجم لغوی، فضلاً عن تخریج الشواهد الواردة فیها. أما المصادر والمراجع المعتمدة فیرد التعریف بها عند أول ذکر لها فی هوامش البحث وتعلیقاته. 
آمل أن أکون بهذا العمل المتواضع قد أوفیتُ (عَرّاماً) بعض حقه، وعلى الله قصد السبیل.

تنزيل هذا الملف

الإحصائيات

كيفية الاقتباس

یاسین عبدالله ع. (2000). عَرّامُ بنُ الأَصْبَغِ السُّلَمِیُّ: أخباره ومرویاته اللغویة. اداب الرافدين, 39(55), 36–66. https://doi.org/10.33899/radab.2009.30887