التنمیة البشریة وحقوق الإنسان
الملخص
یبقى الحدیث عن حقوق الإنسان والیة حمایتها فی الوطن العربی ناقصا ما لم یقترن بدعوة صریحة وغیر قابلة للتأویل إلى إصلاح أو تغییر، والانتهاکات الکثیرة والموجعة لحقوق الإنسان العربی وما یترتب علیها من مساس بشخصیته وکرامته وتعطیل لدوره الوطنی والقومی. صحیح ان السلطة الحاکمة، أیة سلطة حاکمة، تجنح بطبیعتها إلى التجاوز والاعتداء على حقوق الأفراد والجماعات وصحیح أیضاً ان الحکم مهمة صعبة، غیر ان السلطة الحاکمة فی بلدان الوطن العربی قد تجاوزت کل الحدود وأصبح خرق حقوق الإنسان المواطن طبیعة ثابتة لها.
لقد واصلت الدول العربیة جهودها فی تنمیة مواردها المادیة والبشریة، وشهدت الاقتصادات العربیة خلال العقود الثلاثة الأولى من النصف الثانی للقرن العشرین جهودا کبیرة فی إطار التنمیة والتحدیث، کلا حسب رؤیتها الاقتصادیة وفلسفتها فی نوع النظام الاقتصادی والسیاسی القائم، فبعضها انتهج فلسفة اقتصادیة لیبرالیة وبعضها الآخر رأى فی الاشتراکیة الفلسفة المناسبة لتجاوز أوضاع التخلف والتبعیة، وبما ان الالتزام بحقوق الإنسان المواطن یفرض على السلطة الحاکمة واجبات محددة، واجبات ایجابیة للقیام بأعمال معینة وواجبات سلبیة أی الإحجام عن القیام بأعمال معینة.
وبما ان احترام الحقوق هو احد المقاییس الهامة للحکم على صلاحیة السلطة القائمة فان التمادی فی امتهان الإنسان العربی وانتهاک حقوقه یطرح مباشرة وبصورة حادة مسألة شرعیة أنظمة الحکم القائمة فی البلدان العربیة وعلیه فالسلبیات کثیرة فی الوطن العربی، ولکن هذا لا یعنی انه لا توجد نقاط مضیئة فی الممارسة السیاسیة فی هذا القطر أو ذاک، وقد تکون ثمة دولة وقعت جمیع معاهدات حقوق الإنسان، ولکن بدون وجود مجتمع مدنی مفتوح فإنها قد لاتتعرض لضغط کافی یدفعها إلى احترام التزاماتها .