أتمَّ الخلفاءُ الراشدون والصحابة الکرام y، ما جاء به رسول r، على أکمل وجه، فوصل هذا الدین الحنیف إلى بقاع العالم فی أعوام قلیلة، فقد قهروا أعظم دولتین فی ذلک الوقت وهما فارس والروم، حتى ذابت دولة الفرس وتضاءلت دولة الروم حتى قبعت وراء البحار. ولقد کانت النواحی الاقتصادیة التی جاء بها الإسلام ذات أثر عظیم فی حیاة الأمم التی دخلت فیه، إذ أنّ المرکز المالی لأیّة دولة یمثل الخط البیانی الذی یُعبّر بصدق عن قوّة الدولة أو ضعفها.      إنّ للزکاة أثر کبیر ومهم فی میزانیة الخلافة الإسلامیة، متمثلة فی بیت مال المسلمین، إذ هی تُشکل رافداً مهمّاً من روافد إیرادات بیت المال، سواء کانت هذه الأموال الواردة إلى بیت المال من الزکاة أو الصدقات فی الأموال الظاهرة أو غیر الظاهرة، فلو أنّ المسلم أخرج زکاة ماله على الوجه الشرعی الذی أمر به الله تعالى ورسوله الکریم، لأغنت هذه الأموال بیت المال ولَسُدت حاجة الفقیر المسلم على الأقل فی حدِّ الکفایة، ولما بقی فقیر فی المجتمع الإسلامی، وما جاع مسلم إلا بمنع، لأنّ الله قد قدّر الأقوات بین البشر، وجعل حقَّ الفقیر فی مال الغنی حقّاً معلوماً